التفاؤل حيال الاتفاقيات المائية الأردنية السورية: واقعية أم وهم؟

Felix Dubois

less than a minute read

Post on May 30, 2025

4.2

Share

تُعاني كل من المملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية العربية السورية من أزمة مياه خانقة تهدد الأمن المائي واستدامة التنمية في كلا البلدين. في ظل هذا الواقع، برزت الاتفاقيات المائية الأردنية السورية كأملٍ محتمل لتخفيف وطأة هذه الأزمة. لكن هل هذا التفاؤل واقعي أم أنه مجرد وهم يصعب تحقيقه؟ سنسعى في هذا المقال إلى استعراض واقعية هذه الاتفاقيات، مُناقشةً إمكاناتها وتحدياتها بشكل مُفصل.

٢.١ موارد المياه المتاحة في الأردن وسوريا وتوزيعها:

يُعاني كلا البلدين من شحٍّ في موارد المياه، سواءً السطحية أو الجوفية. تتفاوت كميات المياه المتاحة بشكل كبير بين المناطق المختلفة داخل كل بلد.

• الموارد السطحية: تعتمد بشكل كبير على الأمطار الموسمية، التي تتسم بتقلبها الشديد بسبب التغيرات المناخية. الأردن يعتمد بشكل كبير على نهر الأردن، بينما تعتمد سوريا على نهر الفرات ودجلة.
• الموارد الجوفية: تُعاني من الاستنزاف المُفرط نتيجة الضخ الجائر للسقي والاحتياجات المنزلية والصناعية. يُلاحظ تضاؤل الخزين المائي الجوفي بشكلٍ مُقلق.
• التغيرات المناخية: تُفاقم من حدة أزمة المياه، مُسببةً فترات جفاف أطول وأشدّ وانخفاضاً في كميات الأمطار. هذا يؤثر بشكل مباشر على إمدادات المياه المتاحة.
• النقاط الحرجة: توجد مناطق حدودية تُعاني من نقص حادّ في المياه، مما يُثير الخلافات حول توزيع الموارد المائية بين البلدين. مثال ذلك، المناطق الزراعية الواقعة على نهر اليرموك.

٢.٢ الاتفاقيات المائية السابقة بين الأردن وسوريا: نجاحات وإخفاقات:

يمتد تاريخ التعاون المائي بين الأردن وسوريا لعقود، لكنه شهد مراحل من النجاح والفشل.

• الاتفاقيات السابقة: شهدت بعض النجاحات في مجالات مُحددة، لكنها لم تُحقق الأهداف المنشودة على نطاقٍ واسع.
• أسباب النجاح: تتمثل في التعاون الفني وتبادل الخبرات في مجالات إدارة المياه.
• أسباب الفشل: غالباً ما تعود إلى العوامل السياسية والاقتصادية غير المُستقرة، مما يُعيق تنفيذ الاتفاقيات. كما تُعتبر الافتقار إلى الشفافية والمتابعة أسباباً رئيسية للفشل.

٢.٣ التحديات التي تواجه تنفيذ الاتفاقيات المائية الحالية:

تواجه الاتفاقيات المائية الحالية عدة تحديات تُعيق تنفيذها بشكلٍ فعال:

• التحديات السياسية: يشهد الوضع السياسي في سوريا تقلبات تؤثر بشكل مباشر على إمكانية التعاون الفعال مع الأردن.
• التحديات الاقتصادية: الوضع الاقتصادي الصعب في كلا البلدين يُحدّ من القدرة على الاستثمار في مشاريع البنية التحتية اللازمة لنقل وتوزيع المياه.
• التحديات الفنية: بناء البنية التحتية الحديثة لنقل وتوزيع المياه يتطلب تكنولوجيا متقدمة وتكاليف باهرة.
• التحديات الاجتماعية: يفتقر الوعي الجمهورى في بعض الأحيان لأهمية ترشيد استهلاك المياه، مما يُعيق جهود الحفاظ على الموارد.

٢.٤ إمكانية تحقيق التعاون المائي الفعال بين الأردن وسوريا:

بالرغم من التحديات، لا يزال هناك أمل في تحقيق التعاون المائي الفعال بين البلدين.

• دور المجتمع المدني: يُمكن للمجتمع المدني أن يلعب دوراً حيوياً في تعزيز التعاون والتوعية بأهمية ترشيد استهلاك المياه.
• الدعم الدولي: يُعتبر الدعم الدولي ضرورياً لتوفير التمويل اللازم لتمويل مشاريع البنية التحتية وتنفيذ الاتفاقيات.
• دور الحكومتين: تقع على عاتق الحكومتين الأردنية والسورية مسؤولية ضمان نجاح الاتفاقيات من خلال التخطيط الفعال والشفافية والمتابعة الدقيقة.
• اقتراحات لتحسين الإدارة: يجب التركيز على استخدام تقنيات الري المُحسّن وتطوير أنظمة إدارة المياه بشكل علمي ودقيق.

٣. الخاتمة:

يُعتبر التفاؤل حيال الاتفاقيات المائية الأردنية السورية مسألة معقدة تتطلب تقييمًا دقيقًا. بينما تُشير بعض الجوانب إلى إمكانية التعاون الفعال، إلا أن التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لا تزال تشكل عقبات كبيرة. يُمكن تحقيق تقدم ملموس من خلال تعزيز الشفافية، والاستثمار في البنية التحتية، وتعزيز دور المجتمع المدني، والحصول على دعم دولي قوي. يجب على الحكومتين الأردنية والسورية العمل معًا لتحويل التفاؤل إلى واقع ملموس من خلال إدارة فعالة للاتفاقيات المائية، والتعاون في مواجهة أزمة المياه. فهل ستتحول هذه الاتفاقيات إلى نجاح يُحاكي التعاون المثالي في إدارة الموارد المائية، أم ستبقى مجرد وهم يصعب تحقيقه؟ يعتمد ذلك على الجهود المبذولة من قبل جميع الأطراف المعنية. دعونا نعمل معاً لتحقيق التعاون الفعال في إدارة الموارد المائية بين الأردن وسوريا.